الاثنين، 12 مارس 2012

جنب الحيط!!

الحائط هو مفهومنا الخاطىء للأمان، الأمان المشروط دائمًا.. لكلمة "خليك في حالك أو إمشي عدل يحتار عدوك وابن عمه فيك"، الحيط، هو ذلك الشىء الموجود دائما في كل مكان تمشي فيه أو تمضي بجواره، وإن لم تجده فتوجب عليك دائما أن تجعل من ظلك حائطًا جديدًا لك تتوارى خلفه.

أخذتني الحيرة في إتخاذهم هذا التعبير الغير لائق للصمت؛ وإن كان الصمت مشروط وإن كانت عواقب الصمت مخزية أيضًا، "جنب الحيط" ينتظر الكثيرون؛ بعضهم يتسول، وأخرون ينتظرون حلول الظلام ليغتالوا أحلامك، قد تجد فيهم من ينتظر وقوعك في أيديهم لتجد لك سجنًا جديدًا من الفقر والذل إلي زنزانة في أمن الدولة، جنب الحيط تجد من هو منحل ومن أدمن، ومن له سوابق إجرام وسرقة وغيرها، جميعهم يمرون جنب الحيط ويقفون جنب الحيط فيأخذون من الحيط نفسه مقرًا لهم يدارون فيه سوءاتهم وعواقب صمتهم، أكثرهم ينتظر مرورك بجوارهم لعلك تكون مثلهم، أو لعلك فريسة جديدة لهم... فإذا مررت بجوار الحائط حيث يتلاحم ظلك والظلام، عليك فقط أن تتذكر ألا تتذكر، وعليك ألا تسمع وألا ترى وألا تتنطق، ليس عليك سوى أن تتوهم أن شيئا لم يكن، لم يكن هناك أي وجود لهؤلاء أو غيرهم أو ربما للحائط نفسه من الأساس.

من أعجب العجائب أننا لا نمشي بجوار الحوائط المضيئة أبدًا، ولا يستقر أحد أسفلها، غالبًا ما نشير إاليها فقط من بعيد، نلتقط الصور للرسوم التي تركها من أعيته الفكرة من تحملها فنقشها ورحل، ونادرًا ما تجد أحد ينتظر بجوار ذلك الحائط، الجميع يتفرجون ويكملون مسيرة الصمت الصماء!! وحدهم الأحرار يتركون لنا أثارهم على الحوائط علنا نتبعهم.... في الحقيقة أيضًا أن حالك ليس مرتبطًا بأي حائط تمضي نحوه، كلمة السر إن لم تنطق لن تنفتح الأبواب، أينما كنت الأن جد لك مصباح تمشي على هداه ولا تصدقهم ولا تمشي أبدًا جنب الحيط!! لا تحاول أن تكون تلك الشمعة التي تحترق فتمتص الأكسجين من حولها فيختنق الجميع، كن شمعة تحترق من أجل أن تنير الفكرة، فكرتك؛ فتُضاء عقولهم.

السبت، 3 مارس 2012

تذكرة أتوبيس







- إتفضلي جوا يا أنسة في كراسي فاضية ورا



قالها وهو يأخذ مني ورقة نقدية قيمتها خمس جنيهات لعدم توافر فضيات معي حينها...

- لأ شكرا أنا عايزة أقف

- طب ليه؟ في كرسيين فاضيين

- لأ شكرا مش هاينفع اقعد ورا J

براحتك، طيب أقفي ورا الباب ده عشان لما الناس تطلع...... إبتسم نصف إبتسامة وهو يقترح الموقع الجديد

إنطلق الميني باص من موقف عبد المنعم رياض وقد اتخذت موقعي الاستراتيجي جدا خلف الباب،

- على فكرة أنا ما اخدتش التذكرة

- لازم؟؟

- مممم اه يا ريت

- ليه؟

- عشان لو طلع مفتش

كان سائق شاب بشوش الوجه.. سألت نفسي عدد من الاسئلة في لحظة واحدة، "هوا بيعاكس، ولا عايز ينسيني التذكرة، ولا عايز ينسيني باقي الخمسة جنيه؟؟!!!!"

جاء رده سريعا وهو يناولني الخمس جنيهات كاملة

- هقوله إنك تبعي....

"كده تبقى بتعاكس بقى"

- لأ شكرا انا عايزة التذكرة وباقي الخمسة جنيه وعندك فكة كتير اهو..

ناولني تذكرة مقطوعة من قبل من أمامه ورفض أن يأخذ الخمس جنيهات وعندما تركتها على التابلوه رد...

- مافيش باقي..

- مش مهم، عند ربنا بقى!!

- مش هانزلك إلا لما تاخديها، شايفة الزرار ده ؟؟

قالها وهو يبتسم ويضغط على الزر أمامه فانغلق الباب ثم انفتح مرة أخرى...

صمتت وأنا أنظر إلى الشارع من الجانب الأخر؛ ما أثار إشمئزازي فعلا هو صمت جميع الركاب عن الإحتجاج او الدفاع او أي موقف أخر، حتى صعدت إلي الأتوبيس سيدة مسنة وإبنتها وقد بدأ عليها الإنهاك التام، ما أن دفعا ثمن تذكتريهما حتى قام شاب شديد السواد وكأنه نوبي الأصل فأجلس السيدة محله، مرت نصف دقيقة لأسمع السائق هو يناديه....

- الأخ اللي قام دلوقت تعالى معلش..

وعندما جاءه الشاب سأله السائق؛ فين تذكرتك؟؟

تعجب منه الفتى وهو يخرج تذكرته ويفردها وقد طواها باحكام وقد طواها من قبل ووضعها في دبلته... تناولها السائق وأعطاه في يده جنيها ونصف هي ثمن التذكرة، حاول الشاب التمنع فرفض السائق وأجبره على أخذ ثمن التذكرة.

عندما حان وقت نزولي من الميني باص سمعته يقول لفتاة شابة كانت تقف إلى جواري، "إدي الباقي للأنسة..." فناولتني الخمسة جنيهات كاملة وهي تتبادل إبتسامة هادئة مع والدتها.

عندما هممت بالإحتجاج قاطعني قائلا؛ إنتي بنت محترمة وأنا مش عايز التذكرة وإتفضلي عشان الناس عايزة تروّح بيوتها....!!

لم أدر سر إهتمامي وإعجابي بسائقي الميكروباص والميني باص عن سائقي الأتوبيس، فجميعهم يسلك نفس الطريق، في الحقيقة أيضا أن بعضهم سبب لي صدمة نفسية عظيمة بعد الخذلان الذي أجده من ردود الأفعال الغير منطقية او الصمت الذي يبدونه في مواقف تستدعي أن يكون هناك رد فعل حكيم، أما في المجمل العام لا يوجد قانون يميز بعضهم على بعض!! دعوني أسترجع معكم خريطة كل من؛ الاتوبيس، الميني باص والميكروباص... مع إختلاف الحجم بالطبع..

الأتوبيس هو هذا الصندوق المستطيل الكبير الذي يقل معظمنا –الغلابة اللي زيي- كل يوم، صندوق صفيح متفكك غالبا، متلقلق النوافذ، وكأن مكوناته إلتحمت ببعضها بلا مسامير، يحدث أصواتا متعددة في آن واحد وتختلف من صوت الموتور إلى المسامير وإهتزاز الزجاج وارتطام الصندوق بالأرض بعد إجتياز المطبات وأخيرا أصوات الركاب وأرتطام الأجساد عند كل وقفة مفاجأة.... رحلة تبدو مزعجة إن لم تكن مزعجة بالفعل فالرائحة من حولك جديرة بأن تجعلها كذلك!!

بالنسبة للرجل أي مقعد يعتبر مقعد إستراتيجي مادام يقع بجوار نافذة لا تطل منها أشعة الشمس بشكل مباشر -عشان مايسمرش ويضطر ياعيني يحط sunscreen- وألا يقع خلف السائق مباشرة حتى لا يتضطر إلى ان يؤدي دور الكمسري على مدار رحلته، ولكن بالنسبة للفتيات خارطة الأتوبيس لها مواصفات أخرى تماما تتحدد وفقا لترتيب المقاعد والإزدحام، فبالإضافة إلى التنسيق السابق فهناك مقاعد شبه محرمة أو مربكة لكل فتاة تركب الأتوبيس؛ على سبيل المثال المقعد الذي يعد قطعة من الكنبة، المقاعد التي تقع بالثلث الأخير من الأتوبيس خاصة وإن كانت إلي الداخل –اي بجوار النافذة- فهذه الأماكن تحديدا تعد مسارا للقلق من الشخص الذي يجلس بجوار الفتاة –خاصة وان كان رجل عريض او ممتلئ بعض الشيء، وأيضا الشخص الذي يجلس خلفها –واللي غالبا ماعندوش سرير في بيته فبينام على قفا الكرسي اللي هيا قاعدة عليه.

بحكم تنقلي بالأتوبيس لفترات طويلة وجدت أن هناك قواعد لركوب الفتاة في أي أتوبيس، وهي،

إبحثي دائما عن مقعدك الإستراتيجي الذي يجعلك مطمئنة وهادئة، ويمكنك سؤال أحد الركاب في تبديل مقعده من أجلك إذا وصل الأمر لذلك.

هناك مقعد إستراتيجي لأي فتاة وهو المقعد الأخير قبل مقعد الكمسري في الأتوبيسات العامة الكبيرة؛ هذا المقعد لا يجلس خلفه أحد ولن تضطري إلى القلق من هذه الناحية، فقط ضعي كل تركيزك على من يجلس إلى جوارك.

غالبا ما سوف تواجهين مشكلة أن الشخص الذي يجاورك يريد التحقق أو التحدث في هاتفه المحمول، وبالتالي يتعين عليه إخراج الهاتف من جيبه –اللي هو دايما ناحيتك طبعا سواء كنتي قاعدة يمينه أو شماله- فإذا أخرجه بدأ التحدث مع إحداهن وهو يراقبك، عادي خالص شيلي دايما سماعات التليفون معاكي وإسمعي أي أغنية على تليفونك، وطبعا إذا لمسك قولي له سمحت خد بالك "بس بصوت عالي".

إذا أثار أحدهم غضبك أو حاول التحرش بك –إقلبي عالوش التاني أبو شبشب من اللي بتشوفيه في التلفزيون أو من اللي بيطلع في البيت- ولا مانع أن تتقمصي دور أكثر شخصية غاضبة تعرفيها، ولكن كوني حذرة بألا تفقدي أعصابك –أو تطولي لسانك يعني إنتي بنت بردو J طول مانتي محترمة ماحدش يقدر يغلطك.



...........والله لي التوفيق